📁 آخر الأخبار

علاقة علم الاجرام بباقي العلوم الأخرى

موقع علم الاجرام في المنظومة الجنائية

☚  علم الاجرام ينصب على  دراسة الظاهرة الاجرامية وذلك بهدف الوقوف عند أسبابها سواء كانت من جانب المجرم أو المجتمع.

موقع علم الاجرام في المنظومة الجنائية
علاقة علم الاجرام باقي العلوم الأخرى

وهو بذلك يجمع بين دراسة الانتروبولوجيا الجنائية التي تتناول الظاهرة الاجرامية كواقعة فردية وعلم الاجتماع الذي يعنى بتفسير الظاهرة كواقعة اجتماعية لتكون الانتروبولوجيا الجنائية وعلم الاجتماع الجنائية هما جناحا علم الاجرام.

فإذا كان علم الاجرام يبحث الظاهرة الاجرامية بالنظر إلى شخص المجرم وإلى بحث أسباب الجريمة انطلاقا من المجتمع فسوف تكون له علاقة وطيدة بالعلوم القانونية الاخرى التي تتقاسمه البحث في مكافحة الجريمة التي تطمح الى معرفة ودراسة سلوك الانسان.

1- علاقة علم الاجرام بعلم العقاب

يهدف علم العقاب الى تحديد  مختلف الجزاءات المناسبة أثناء خرق للقاعدة القانونية الجنائية، وبالتالي فهوم بهذا المعنى يقوم على دراسة تلك  القواعد الجنائية التي تهدر صور الجريمة في المجتمع والجزاء لمركتبيها.

ومن مميزات علم العقاب أنه علم قاعدي،  لماذا؟،  لأنه هو الذي يحدد قواعد السلوك على أفراد المجتمع ويقرر الجزاء الجنائي الواجب تطبيقه على كل من يخالف هذه القواعد.

علم الاجرام بتفسير الظاهرة الاجرامية انطلاقا من الواقع بوصفه السلوك  الاجرامي والبحث عن اسباب الجريمة سواء تلك الكامنة في المجرم او الخارجة عنه بهدف إيجاد سبل مواجهة الظاهرة الاجرامية و هو بذلك علم واقعي.

يتضح جليا ان علم العقاب وعلم الاجرام يلتقيان في دراسة الجريمة حيث يقوم الاول بدراسة انتهاكها لقاعدة قانونية في حين يعتبرها الثائي سلوكا انسانيا جانحا.

وإذا كانت الاهداف المنوطة بالعقوبة هي ردع المجرم و محاولة اصلاحه قصد اعادة إدماجه من جديد في المجتمع، فان علم الاجرام يفيد علم العقاب بما يقدمه له من افكار وبشريات حول السلوكات الشادة والمنحرفة وكيفية التعامل معها حتى يتاتى اعتماد فلسفة جنائية تعتمد معاييرعلمية في كيفية معالجة المجرمين و ارجاعهم الى بيئتهم الطبيعية. 

وتتجلى أهمية علم الاجرام في كون أن علم العقوبات في وضع قواعده القانونية والنتائج التي يصل اليها علم الإجرام. مما يسعف  في تحديد التدابير الزجرية الملائمة والعقوبات بطبيعة الحال ليس فقط من اجل ردع المجرم وإنما  ايضا  لأجل:

  •  منح المناعة الكافية لوقوع الجرائم.
  • إعادة تصالح المنحرفين مع بيئتهم.
  • انخراطهم فيها بعد اصلاح وتهذيب السلوكات المنحرفة.

في ظل هذا التكامل بين علم العقاب وعلم الاجرام، فان علم العقاب يتميز بنسبيته وذلك لأنه  يستمد قونه من ارادة المشرع في اطار مكان وزمان لا يتجاوزه الى العالمية، كما انه يخضع لقواعده التي يقررها مبدأ الشرعية الجنائية وذلك  بهدف حماية الافراد والجماعات.

في حين  أن علم الاجرام يستمد  قوته من مختلف النظريات التي تناولت مسألة تفسير السلوك الاجرامي  بيولوجية  كانت أو اجتماعية وهي غير محددة بالمكان  والزمان. كما انه كذلك يهدف الى تفسير الظاهرة الاجرامية بشكل عام بغية الوصول الى تفسير منطقي ومعقول لايجاد اساليب الوقاية من الجريمة.

2- علاقة علم الاجرام بالقانون الجناني

اذا تفحصنا العلاقة القائمة بين علم الاجرام والقانون الجنائي نجدها نتائج بين نقط تشابه ونقط اختلاف كما سيتم بيانه مما يلي.

أوجه التشابه بين علم الاجرام والقانون الجنائيأوجه  الاختلاف بين علم الاجرام والقانون الجنائي
- أن الجرائم المنصوص عليها في القانون الجناني والمعاقب عليها بمقتضاه هي نفسها التي يراها علم الاجرام سلوكات شنة ومنحرفة يجب تقويمها.
- ان كلا العلمين يهدف الى حماية الفرد المجتمع و مكافحة الجريمة عن طريق تقويم اعوجاج سلوك الجاني عن طريق العقاب كما يراه القانون الجنائي اوعن طريق العلاج والوقاية كما يراء علم الاجرام.
- إذا كانت غاية القانون الجنائي تتجه إلى وضع قواعد يراها ضرورية لسلامة النظام العام وأمن المواطنين، فان علم الإجرام يساعده في بلوغ هدفه بما يقدمه من دراسات ومعلومات حول أسباب الإجرام وشخصية المجرمين.
- الاختلاف في الموضوع: لان موضوع علم الاجرام هو دراسة الجريمة بصفتها ظاهرة اجتماعية، بينما ينصب موضوع القانون الجنائي على وضع قواعد زجرية للسلوكات المنحرفة.
- القانون الجنائي يعنى بدارسة النصوص الجنائية وتحديد عناصر الجريمة فيها بينما يهتم علم الاجرام بكشف العوامل الكامنة وراء كل سلوك اجرامي.
- اذا كان القانون الجنائي يخضع لمبدا الشرعية حيث تخضع اجراءات البحث والايقاف والتحقيق والمحاكمة لنصوص دقيقة تحت طائلة بطلانها حيث يعتبر مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات قاعدة أساسية في القانون الجنائي في السياسات الجنائية المعاصرة.
- فان علم الاجرام يرى في ذلك جمودا وعائقا في ايقاع الجزاء المئلسب الذي قد لا يتطابق مع العقوبة المحددة مسبقا من طرف المشرع لاختلاف اشخاص مرتكبي الجرائم لأنه في نظره لا توجد جرائم بفلرما يوجد مجرمون.

كما هو موضح بالجدول فقد كانت تلك أهم أوجه التشتبه ولاختلاف بين علم الاجرام والقانون الجنائي، أما علاقته بالمساطر الاجرائية فهذا ما سيتم التعرف عليه في التالي.

3- علاقة علم الاجرام بالمساطر الاجرائية

قانون المساطر الاجرائية هو مجموعة من القواعد القائونية التي تنظم كيفية البحث في الجرائم وإيقاف مرتكبيها وجمع الادلة عنها والتحقيق معهم ومحاكمتهم من طرف القضاء المختص وايقاع الجزاءات المناسبة وتنفيذها.

فقانون المسطرة الجنائية مثلا هو قانون تبعي لانه يفترض مسبقا وجود قائون موضوعي يحدد الجرائم والعقوبات ويتم انتهاك قواعده حيث يتولى قانون الاجراءات تقعيل وتنزيل وأجراة هذه القواعد، اذن فهو قانون شكلي واجرائي باعتباره مجموعة وسائل واساليب لتطييق قواعد قانون العقوبات.

وفي إطارعلاقة قانون الإجراءات بعلم الاجرام وبالرغم من اختلاف موضوع كل منهما يظل هذا الاخير منبعا تأخذ مئه القوانين الشكلية وتستلهم قواعدها على ضوء ما تتلقاه من اشارات ما تسقيه من معلومات حول شخصية المجرم وأسباب إجرامه وبالتالي إيجاد الاجراءات المناسبة واللازمة لمحاكمة المتهم وتنفيذ العقاب عليه بشكل يتناسب مع طبيعة الجريمة دون إغفال إعادة إدماج الفاعل وتقويم سلوكه.

وفي ظل هذا الارتباط العضوي بين علم الإجرام والقانون الجنائي وقانون الإجراءات الجنائية، هل بإمكان القاضي الجنائي التوفيق بين فلسفة إنزال العقوبة على شخص المجرم وفي ذات الآن الأخذ بعين الإعتبار خصائص الجاني.

وهل يمكن تكوين قناعة القاضي الجنائي المبنية على الاعتقاد الصميم (الاعتقاد الوجدائي) بالأخذ بعين الاعتبار ظروف الجاني والتي تختلف من شخص الى آخر حيث يستحق كل واحد من الجناة فحصا فرديا واجراءات خاصة في تأسيس حكمه وتعليله بذلك.

4- علاقة علم الاجرام بالسياسة الجنائية

تروم السياسة الجنائية الى وضع تصورات عامة على كيفية تنظيم مكافحة الجريمة عن طريق تحديد الوسائل الناجعة لذلك، فالسياسة الجنائية إذن علم قائم بذاته ينتمي الى العلوم القاعدية لانها تنصب على دراسة ووضع القواعد القانونية الجنائية  تتحرى مدى ملاءمة تلك القواعد مع الهدف الذي تسعى اليه والمتمثل في:
  •  مكافحة وقمع الجريمة.
  • وتحقيق ومائل الأمن القضائي لضمان استقرار المجتمع.

واذا انه يتبين من الوهلة الاولى ان السياسة الجنائية جزء من علم الاجرام لانها تلتقي معه في البحث عن سبل الوقاية من الجريمة فان هناك فرقا كبيرا بينهما من حيث موضوع اهتمام كل علم على حدة.

فعلم السياسة الجنائية: يعكف على دراسة فن التشريع ومدى ملاءمة التشريع القائم و فاعليته في حماية المصالح الجديرة بالحماية وهو بذلك علم قانوني يهتم بملاءمة و تقييم النص التشريعي بهدف تطويعه لتحقيق هدف المشرع.

أما علم الاجرام: فهو علم واقعي يهدف الى تفسير الظاهرة الاجرامية سواء كانت واقعة فردية او اجتماعية وكشف اسبابها سواء تعلقت بالفرد او المجتمع فيظل كل واحد منهما علما قائما بذاته وان كانت تربطهما علاقة تكامل.

ومن ثم فإن هاجس السياسة الجنائية يكون أمنيا وردعيا لانها تنظر الى الجريمة باعتبارها خرقا لقاعدة اجتماعية لابد من مكافحتها والوقاية منها مستقبلا وذلك بالتصدي الى مقترفيها بعقوبات زجرية صارمة.

في حين ينظر علم الاجرام الى الجريمة كظاهرة انتجتها جملة من الأسباب هي أولى بالدراسة قصد تقويم اعوجاج السلوك الاجرامي.

5- علاقة علم الاجرام بعلم الاجتماع الجنائي

يعتبر علم الاجرام الجريمة ظاهرة اجتماعية تجد مشتلها داخل المجتمع وهي تنم عن فشل المجرم في تكييف سلوكه مع مجتمعه والتشبع بقيمه وتعبر في ذات الان عن قصور تهيئته وتأهيله بشكل سليم فيه.

علاقة علم الاجرام باقي العلوم الأخرى
علاقة علم الاجرام بمختلف العلوم الأخرى

فالجريمة في نظر العلوم الاجتماعية: هي كل فعل يعتبر مخالفا للحاجات الاساسية والمصالح الرئيسية لمجتمع معين أو يمثل خطرا على المجتمع أو يجعل من المستحيل تحقيق التعايش والتعاون بين الافراد الذين يكونونه.

وعلم الاجرام الذي يهدف الاحاطة بالظاهرة الاجرامية يتفرع تبعا لتنوع وتعدد أسباب هذه الظاهرة الى ثلاثة علوم:

  1. علم البيولوجيا الجنائي: الذي يبحث العوامل البيولوجية من خلال نظريات المذهب البيولوجي.
  2. علم النفس الجنائي: الذي ينصب على بحث العوامل النفسية للجريمة من خلال نظريات المذهب النفسي.
  3. علم الاجتماع الجنائي: الذي يبحث العوامل الاجتماعية من خلال نظريات المذهب الإجتماعي.

يتضح أن علم الاجتماع الجنائي هو جزء أو رافد لِعلم الإجرام. فهو من جهة يقوم على تفسير السلوك الانساني ويرجعه الى عوامل اجتماعية وينظر الى الجريمة بانها ظاهرة تتصل بتكوين المجتمع وطبيعة الحياة الاجتماعية ينشئها المجتمع ذاته باقامة بعض الانماط السلوكية بوصفها افعالا مخلة بمعايير القواعد الاجتماعية المألوفة يعتبرها جرائم و بالتالي يصبح فاعلها مجرما.

وانسجاما مع ذلك فان العلوم الاجتماعية تقدم خدمات لا يستهان بها لعلم الاجرام في تفسيرالسلوك الاجرامي وبالتالي يعتبر علم الاجتماع الجنائي جزءا من علم الاجرام.

6- علاقة علم الاجرام بالعلوم الطبية

لقد سبق الاشارة الى ان الظاهرة الاجرامية كموضوع بحث تتداخل فيها مجموعة من الاسباب منها ما يرجع الى البيئة الاجتماعية ومنها ما يرجع الى عوامل كامنة في ذات المجرم تدفعه الى ارتكاب الجريمة، وقد يكون متأثرا في سلوكه ببعض الأمراض التي تجعله أكثر استعدادا لارتكاب الأفعال الاجرامية.

وأجمعت الدراسات الطبية على أن المرض العضوي بصفة عامة، والمرض العصبي والنفسي بصفة خاصة يحدث اضطرابا في عواطف المريض ورغبته وقد يضعف إرادته أو ينقص وعيه مما يؤدي به الى القيام بأعمال لا يسمح بها القانون.

أولا- علاقة علم الاجرام بعلم الانتروبولوجيا

إن "لمبروزو" يعتبر هو العالم الذي ربط بين الملامح الخارجية للأفراد وسلوكاتهم وحاول إيجاد العلة بين الطب وعلم الإجرام عندما نشر مؤلفه الانسان المجرم سنة 1874، والذي كان له الفضل في تأسيس علم الانتروبولوجيا الجنائية.

 حيث قام "لمبروزو" بإخضاع علم الإجرام الى منهج الملاحظة والتجربة والاستنتاج المتبع في علم الطب، وحاول إبراز العلاقة بين الطب وعلم الإجرام في سبيل البحث عن أسباب الجريمة.

ثانيا- علاقة علم الأجرام بعلم الفسيولوجيا والبيولوجيا

أظهر علماء البيولوجيا على ابحاثهم وفحوصاتهم حول المجرمين المشوهين خلقيا ان ملامحهم التي تميزهم عن غيرهم من الأفراد ليست هي السبب الحقيقي في سلوكهم الاجرامي.

كما ذهب الى ذلك "لومبروزو" بحيث اعتبرها على أنها  بدورها نتيجه لظاهرة اخرى تكون السبب الحقيقي،مما حذى بهم الى دراسة وظيفة الأعضاء.

وقد توصل البيولوجيون الى حقيقة علمية مفادها أن:

  • طباع الأشخاص مرتبطة بجهازهم الفيسيولوجي ومفرداتهم الباطنية.
  • وأن الملامح الخارجية ما هي إلا مضاعفات لتلك الافرازات الخارجية.

وقد اثبت من خلال دراستهم المخبرية أن كثيرا من الأمراض مثل: مرض السكري والكبد والدم، تنعكس على وجه المريض غير أن ذلك لا يعبر على ان بروز تلك العلامة هي الدافع الى ارتكاب الجريمة.

بل يمكن القول أن الظاهره المتسببة في بروز تلك العلامة، هي نفس الظاهرة التي جعلت من المريض شخصا عصبيا سريع الغضب مهيأ للجريمة أكثر من غيره، ليخلص على أنه  يجب التركيز على الجانب البيولوجي والفسيولوجي بدلا من الجانب الانتروبولوجي في البحث عن اسباب الجريمة.

ثالثا- علاقة علم الإجرام بعلم النفس

يهدف علم النفس الى دراسة الانسان لمعرفة سلوكه داخل المجتمع، من خلال التركيز على شخص المجرم من جميع الجوانب باعتبار سلوكه نتاجا لتكوينه العضوي الفيسيولوجي والنفسي.

فعلم النفس الجنائي ينصب على تناول السلوك الاجرامي من الناحية السيكولوجية حيث يتتبع أثر التركيب النفساني للانسان على سلوكه الاجرامي من خلال تفاعله مع محيطه البشري.

إن العامل النفسي يعتبر ضابطا ومعيارا في تمييز الشخص العادي عن للشخص غيرالعادي، وبالتالي الوصول الى الأسباب الكامنة في الشخصية الانسانية والتي تدفع الى ارتكاب بعض السلوكات المنحرفة.

رابعا- علاقة علم الاجرام بعلم الامراض العقلية

يهتم علماء الامراض العقلية بالبحث عن اسباب امراض العقل لايجاد العلاج الملائم لها، وهم بذلك يقدمون خدمات جليلة لعلم الاجرام من خلال التمييز بين المريض المجرم المصاب بخلل عقلي والمريض غير المجرم.

فعلم الاجرام بالتالي يحاول اعطاء تفسيرات لسلوكات المجرمين من خلال البحث عن الاسباب الكامنة وراءها.

وفي ظل علم الامراض العقلية لتفسير حالات كثيرة تفسر بالاختلال العقلي، وبالتالي انتفاء المسؤولية الجنائية عن هؤلاء والتركيز على الحالات الاخرى التي لا تفسر بمرض عقلي.

و تظهر أهمية هذا التوجه على أنه  لا يمكن معاقبة شخص على ارتكاب جريمة بتوافر اركانها الثلاث المتمثلة في الركن المادي والقانوني والمعنوي.

 فاذا كان من السهل اثبات الركنين الأوليين فانه يصعب اثبات الركن المعنوي في حق المختل عقليا في المجال الجنائي. وبالتالي يكون غير اهل للمساءلة الجنائية والمحاكمة.

فطبيب الامراض العقلية هو الجهة الوحيدة و المسؤولة عن تقدير مسؤولية المتهم أو عدم مسؤوليته في نسبة ارتكاب الجريمة اليه وهو بذلك يكرس جهده لغيجاد علاقة متينة بين كل من علم الإجرام وعلم الامراض العقلية.

خامسا- علاقة علم الإجرام بعلم التحليل النفسي

هو علم يبحث في تكوين الشخصية الروحية للافراد وتطورها ومدى تاثير حالات القلق والكبت والذنب المعاشة فيها، بمعنى انه يدرس حالات التصرف اللاشعوري للاشخاص بصفة عامة وبصفة خاصة في بحث تطور العقلية الجنائية وتدرجها نحو ارتكاب الجريمة.

فتكون الجريمة حينئذٍ نتاج لسلوك متأثر بكبت داخلي تراكم منذ زمان واكتسب من الضغط مما فرض على المجرم القيام بجريمته، فبناء على ذلك يمكن علم التحليل النفسي علماء الاجرام من حقيقة مفادها ان الجريمة يمكن أن تكون نتاجا غير طبيعي لتطور نفسي من خلال دراسة المراحل الجنائية للمجرم ابتداءا من طفولته.

وفي هذا الاطار أثبت العلماء وعلى رأسهم "فرويد" ان الوقائع التي يواجهها الإنسان في حياته عن طريق الإدراك والشعور، تترك في نفسيته اثارا لا تزول بزوال الواقعة بل إنها  تتخزن في منطقة اللَّاشعور أو في منطقة الذاكرة الباطنة، وهي تسعف في تفسير الكثير من سلوكاته في المستقبل.

فعِلم التحليل النفسي أسدى خدمات جليلة لعلم الاجرام بالنظر لما قدمه من تفسيرات وحقائق حول سلوك الافراد بصفة عامة وسلوكهم في جائبهم الخفي اللاشعوري بصفة خاصة، بحيث يمكن لعلماء الاجرام من تصنيف الجرائم بحسب أسباب أرتكابها والوقوف على البواعث الكامنة وراء ذلك.

ومن ثم فإن علم الاجرام وبالنظر لأهميته في دراسة ورصد الظاهرة الإجرامية، والوقوف على مختلف أسبابها بهدف ايجاد حلول مناسبة وإلهام المشرع بوضع قواعد قانونية تتناسب مع الظاهرة الاجرامية.

فلا يمكنه أبدا ان يضع نظريات تعبر فعلا عن الظاهرة الإجرامية بدون الاستفادة من العلوم الأخرى (على  كما سبق وأن رأينا أعلاه)، والاستعانة بها في محاولة معرفة ورصد أسباب الجريمة كظاهرة اجتماعية.

تعليقات