📁 آخر الأخبار

مسطرة رد الاعتبار حسب قانون المسطرة الجنائية

مسطرة رد الاعتبار حسب قانون المسطرة الجنائية

إن الغاية من مسطرة رد الاعتبار هو إرجاع المخالفين للقانون الى المجتمع وإدماجه كليا من جديد فيه، ورد اعتبارهم، ولأجل تفعيل هذه المسطرة فقد اشترط المشرع عدة شروط وأحاطها بعدد من الإجراءات المسطرية، وقد نص المشرع على هذه المسطرة في قانون المسطرة الجنائية ضمن الفصول من 690 الى 703.

مسطرة رد الاعتبار حسب قانون المسطرة الجنائية
مسطرة رد الاعتبار حسب قانون المسطرة الجنائية

شكليات مسطرة رد الاعتبار

لقد أقر المشرع المغربي في قانون المسطرة الجنائية لنوعين من قرار رد الاعتبار ويتعلق الأمر بكل من:

  • رد الاعتبار بقوة القانون.
  • رد الاعتبار القضائي.

ولهذين النوعين معا شكليات موحدة سنعرضها نعرضها كما يلي

①  وجوب تقديم طلب برد الاعتبار الى وكيل الملك بمحل إقامة المحكوم عليه الحالي

حيث ينص فيها على تاريخ الحكم والأماكن التي أقام بها منذ تسريحه، كما تجدر الإشارة الى أنه لا يمكن تقديم الطلب المشار إليه أعلاه إلا من طرف المحكوم عليه بنفسه أو من طرف نائبه القانوني، إذا كان محجورا بالرغم من أن الطلب يمكن أن يرفعه محامي الشخص المحكوم عليه.

② يتعين أن يشمل الطلب مجموع العقوبات الصادرة والتي لم يتقدم محوها عن طريق رد اعتبار سابق أو شملها عفو عام، بالإضافة الى ذلك يرفق بطلب رد الاعتبار مجموعة من الوثائق.

بحيث نص المشرع المغربي في المادة 737 من قانون المسطرة الجنائية، على أنه يتعين على المحكوم عليه باستثناء الذي أدى خدمات سنية للبلاد مخاطرا بحياته بعد ارتكابه لجريمة ما وفق الفصل 738، أن يدلي بما يثبت أداء الغرامة والمصاريف والتعويض عن الضرر أو ما يثبت إعفاءه من أداء ما ذكر.

ونستنتج من المادة 738 أن من بين الوثائق المكملة لملف رد الاعتبار هو أداء الشخص المحكوم عليه ما بذمته من ديون عمومية، بحيث يتم أداء الغرامة والصائر لفائدة الخزينة العامة، وأداء تعويض مدني لفائدة المطالب بالحق المدني مثلا: كأداء المطالب المدنية لإدارة الجمارك، أو تسديد دعيرة لشركة التبغ أو تقديم تنازل كتابي مصادق عليه من الجهات المختصة تبين تنازل الطرف المدني عن التعويض المحكوم به.

 أما في حالة عدم وجود للمطالب بالحق المني أو عدم التعرف عليه، فيمكن حينئذ إيداع مبلغ التعويض بصندوق المحكمة مقابل إيصال بإيداع يضم لملف رد الاعتبار (الفصل 737 من قانون المسطرة الجنائية).

كما أضاف المشرع في الفقرة الثانية من الفصل 737 أنه يتعين على الشخص المحكوم عليه إن يثبت في حالة عدم أداء التعويض المدني أنه قضى مدة الاجبار بالسجن أو مدة الاكراه البدني.

وثائق طلب رد الاعتبار

الى جانب وصل أداء الغرامة والصائر والتعويض المدني إن وجد، فإنه يجب على المحكوم عليه أن يقدم رفقة طلب رد الاعتبار مجموعة من الوثائق التالية

  1. نسخة من بطاقة التعريف الوطنية للمحكوم عليه؛
  2. شهادة السكنى؛
  3. عقد الازدياد؛
  4. البطاقة رقم 3 من السجل العدلي   المتضمنة للأحكام السالبة للحرية؛
  5. نسخ  الأحكام الابتدائية بالاضافة الى شواهد بعدم التعرض أو الاستئناف إذا كانت هذه الأحكام غير مستآنفة، وتكلف كتابة الضبط بالمحاكم الابتدائية المصدرة لهذه الأحكام بتسليم هذا النوع من الشواهد؛
  6. نسخ من الأحكام الاستئنافية؛
  7. نسخ من قرارات المجلس الأعلى أو شواهد بعدم التعرض أو النقض، تسلم من طرف كتابة الضبط بمحكمة الاستئناف المصدرة لهذه الأحكام.

وبعدها يتم تقديم الطلب مصحوبا بالوثائق التي أشرنا اليها أعلاه الى السيد وكيل الملك بمحل إقامة المحكوم عليه، ويطلب هذا الأخير طبقا للفصل 740 من قانون المسطرة الجنائية، شهادات العمال أو المفوضين من طرفهم بالأماكن التي أقام بها المحكوم عليه، والتي يجب أن تحتوى على البيانات التالية

  • مدة إقامة المحكوم عليه لكل بلدة.
  • سيرته الذاتية أثناء مدة الإقامة.
  • وسائل معيشته خلال نفس المدة.

وما يمكن استخلاصه من خلال هذه المادة أن النيابة العامة تتكلف بمراسلة رئيس المؤسسة السجنية التي قضى بها المحكوم عليه مدة العقوبة، بقصد موافاتها بنسخة من سجل الإيداع بالسجن لكل عقوبة وفقا للمادة 741 من قانون المسطرة الجنائية، مع بيان تاريخ الاعتقال وتاريخ الافراج وسيرة المعتقل خلال مقامه بالسجن.

كما أنه بإمكان النيابة العامة أن تأمر بإجراء بحث معمق حول طالب رد الاعتبار من طرف الشرطة القضائية سواء كانوا رجال الدرك الملكي، أو رجال الأمن بالأماكن التي أقام بها المحكوم عليه.

كما ان السيد وكيل الملك يتخذ ما ينبغي من الوسائل للحصول على البطاقة رقم 2 من السجل العدلي للمحكوم عليه، بواسطة كتابة الضبط بالمحكمة التي ازداد فيها المحكوم عليه، حتى يتأتى للنيابة العامة أن تعرف جميع الاحكام القضائية الصادرة في حق المحكوم عليه سواء كانت عقوبات سالبة للحرية أو موقوفة التنفيذ أو غرامات وبيان مدى مطابقتها مع البطاقة رقم 3 من السجل العدلي للمعني بالأمر والتي تقدم ضمن الوثائق المكلفة لملف رد الاعتبار.

فبعد جمع كل الوثائق السالف ذكرها واستكمال الإجراءات الإدارية والمسطرية المتعلقة برد الاعتبار، فهذه الوثائق توجه مشفوعة برأي السيد وكيل الملك الى رئيس النيابة العامة، ونقصد هنا السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف وفقا لما جاء بالفقرة الأخيرة من المادة 741 من قانون المسطرة الجنائية.

وذلك من أجل البت في الطلب من طرف الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف إما بقبول الطلب وبالتالي محو جميع السوابق المحكوم بها على طالب رد الاعتبار، أو رفض الطلب لكونه غير مستوف لجميع الوثائق المكونة لملف رد الاعتبار أو عدم احترام المدة القانونية لتقديم الطلب إذا تعلق الأمر بطلب رد اعتبار قضائي.

الاثار المترتبة عن الحكم برد الاعتبار

ففيما يتعلق بقرار رد الاعتبار القانوني، فكل شخص يتمتع فيه برد الاعتبار بحيث يمحو كل العواقب الناتجة عن عقوبة عادلة أو الحرمان من الأهليات المترتب عنها، كما جاء بمقتضى الفصل 730 من قانون المسطرة الجنائية.

أما فيما يخص قرار رد الاعتبار القضائي فإنه بعد رفع ملف رد الاعتبار الى محكمة الاستئناف من طرف وكيل الملك وتبت فيه داخل أجل شهرين وذلك بناء على ملتمس وكيل الملك، وبعد الاستماع الى المحكوم عليه أو وكيله أو بعد استدعائهما بصفة قانونية من طرف الغرفة الجنحية لمحكمة الاستئناف باعتبارها الجهة المختصة للبت في طلبات رد الاعتبار.

وبعد إدراج الطلب بعدة جلسات، تبت الغرفة الجنحية إما برفض الطلب بحيث لا يمكن للمحكوم عليه تقديم طلب رد اعتبار جديد ولو في الحالة المنصوص عليها في المادة 738 من قانون المسطرة الجنائية إلا بعد انصرام أجل سنتين من تاريخ رفض الطلب.

أما في حالة ما إذا حكمت الغرفة الجنحية بقبول طلب برد الاعتبار فينص عليه بهامش الأحكام الصادرة بالعقوبة وفي السجل العدلي طبقا للمادة 702 من قانون المسطرة الجنائية مع العلم أنه يمكن لمن رد اعتباره أن يطلب بدون صوائر نسخة من قرار رد اعتباره وملخصاً من السجل العدلي.

الصعوبات التي تعترض مسطرة رد الاعتبار

لا يخفى أن مسطرة رد الاعتبار تعترضها مجموعة من الإشكاليات يمكن أن نلخصها فيما يلي

  •  تتضمن بعض الأحكام القضائية الحكم بالتعويض لفائدة المطالب بالحق المدني ولابد من تصفيتها أو إبرام المحكوم عليه تنازل كتابي يضم لطلب رد الاعتبار، إلا أنه قد يصادف أن يتوفى المطالب المدني مما يستعصي على المحكوم عليه البحث عن ورثته قصد تسليمهم مبلغ التعويض المحكوم به مقابل إبراء ذمته.

وفي حالة عدم إيجادهم يتعين على المحكوم عليه إيداع مبلغ التعويض المدني بصندوق المحكمة مقابل تسليمه إيصال بذلك.

  •  من بين الوثائق المكملة لطلب رد الاعتبار نجد البطاقة رقم 2 من السجل العدلي التي تتضمن جميع الأحكام القضائية الصادرة في حق المحكوم عليه، سواء المشمولة بالسجن النافذ أو الموقوف والغرامة والصائر.

إلا أننا نرى أنه أحيانا لا تشتمل بعض البطاقات التي سبق الإشارة اليها أعلاه لجميع الأحكام، مما ينتج عنه تعطيل لمسطرة رد الاعتبار لكون كتابة ضبط محكمة الاستئناف أو المحكمة الابتدائية مصدرة الأحكام لم تضمن هذه الأخيرة بالبطاقة رقم 1 من السجل العدلي.

وهو أمر يجعل طالب رد الاعتبار مضطرا الى الاتصال بالمصالح المختصة قصد القيام بالمطلوب، فيتحمل بذلك خطأ الإدارة وهو من العيوب التي ينبغي تفاديها بإلزام كتابة الضبط المعنية الى تدوين البطاقات رقم 1 من السجل العدلي بمجرد أن تصبح الأحكام نهائية.

  • عند تقديم طلب رد الاعتبار يشير الطالب فيه على سابقة واحدة إلا أنه بعد توجيه البطاقة رقم 2 من السجل العدلي للمعني بالأمر من طرف كتابة الضبط يتضح أن طالب رد الاعتبار سبق له أن قدم للعدالة عدة مرات وتمت محاكمته من أجل عدة سوابق مما يستدعي استدعاؤه من أجل الادلاء بمآل باقي المساطر مما ينتج معه تعطيل مسطرة رد الاعتبار.
  • كما أنه من الصعوبات كذلك أنه عند الحكم برفض طلب رد الاعتبار من طرف الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف فإن النيابة العامة المكلفة بتهييء ملف رد الاعتبار لا تتوصل بمقرر الرفض قصد تضمينه بسجل رد الاعتبار وتفعيل المادة 738 من قانون المسطرة المدنية.
  •  كما أن في بعض الأحيان يمكن التنصيص في مقرر رد الاعتبار في حالة قبوله على بعض أرقام الأحكام خطأ لكونها غير متطابقة مع الأحكام المشار اليها في البطاقة رقم 1 من السجل العدلي للمحكوم عليه مما يقتضي إرجاع مقرر رد الاعتبار الى مصدره لأجل تعديله مما يشكل ذلك تعقيدا وتعطيلا لمسطرة رد الاعتبار.
  •  من الصعوبات كذلك التعطيل بإنجاز بحث معمق من طرف الضابطة القضائية والذي يحدد بمقتضاه عدد المساطر التي قدم من أجلها المحكوم عليه الى العدالة.

الى هنا يمكن القول أن رد الاعتبار أقره المشرع بغية إدماج المحكوم عليه في المجتمع وإعادة اعتباره أمام أفراده ومحو لسوابقه من السجل العدلي وارجاعه الى تطبيق القانون بصفة سليمة وهذه الوسيلة ما هي إلا صورة من صور العفو وهي طريقة ابتغاها المشرع من أجل الاستفادة من الطاقة البشرية للمحكوم عليه لكي يساهم بذلك في التنمية.

تعليقات