الاطار القانوني لعقوبة السوار الالكتروني
تعتبر عقوبة السوار الالكتروني أو المراقبة الالكترونية عقوبة حديثة بالمغرب لا تزال الترتيبات متواصلة لتنزيلها وتطبيقها، غير أن الساحة القانونية في المغرب شهدت تعديلات تمهد لاعتماد هذه العقوبة خاصة بعد بعد صدور القانون رقم 43/22 المنظم للعقوبات البديلة وكذلك القانون قم 10/23 الذي يتعلق بتنظيم وتدبير للمؤسسات السجنية.
![]() |
الاطار القانوني لعقوبة السوار الالكتروني |
وبما أننا بصدد دراسة موضوع المراقبة الالكترونية أو ما يسمى بالسوار الالكتروني ووضع تأطير قانوني له فإنه سيتم دراسته في قسمين بحيث أن الأول يتعلق بتطبيقات لعقوبة السوار الالكتروني في القانون المغربي، على أن نتطرق في القسم الثاني لدراسة مختلف الاشكالات القانونية لعقوبة المراقبة الالكترونية.
تطبيقات لعقوبة السوار الالكتروني في القانون المغرب
- القانون رقم 10.23 المتعلق بتنظيم وتدبيرالمؤسسات السجنية.
- القانون 43/22 المتعلق بالعقوبات البديلة باعتباره النص الأساسي لهذه العقوبة.
- مع ضرورة استحضار مشروع قانون المسطرة الجنائية الذي نص على عقوبة المراقبة الالكتروني في الفقرة 19 من الفصل 161 منه كتدبير في إطار المراقبة القضائية المأمور بها من طرف قاضي التحقيق.
1- عقوبة السوار الالكتروني في القانون رقم 10.23 المتعلق بتنظيم وتدبير المؤسسات السجنية
لقد دخل القانون 10/23 المتعلق بتنظيم وتدبير المؤسسات السجنية حيز التنفيذ، باستثناء الأحكام المتعلقة بالسوار الإلكتروني، بعد ما يقارب شهرين من المصادقة عليه من طرف مجلس النواب في جلسة عمومية.
ورغم صدوره بالجريدة الرسمية لم تدخل الأحكام المتعلقة بالسوار الإلكتروني حيز التنفيذ، بحيث نصت المادة 222 من القانون على أن أحكام المادة 177 لا تدخل حيز التنفيذ إلا بعد صدور النص التنظيمي اللازم لتطبيقها.
وتنص المادة 177 من قانون تدبير وتنظيم المؤسسات السجنية على أنه "يجوز وضع سوار إلكتروني للمعتقل بغرض تتبعه داخل المؤسسة السجنية أو عند خروجه أو إخراجه منها" في عدد من الحالات، والقانون ترك تحديد شكليات وشروط وضع السوار الإلكتروني للنص التنظيمي.
فمن أهم الحالات التي أجاز القانون رقم 10/23 فيها وضع السوار الالكتروني كما سنقوم بتوضيحه بالجدول أسفله.
- الترحيل الإداري | معناه أن يتم نقل المعتقل من مؤسسة سجنية إلى مؤسسة أخرى من أجل توزيع المعتقلين حسب صنف الاعتقال الذي يخضع له وذلك تيسيرا لإعادة إدماجه أو لتقريبه من وسطه العائلي لإجراءات إما وقائية أو صحية أو من أجل التخفيف من الاكتظاظ ببعض المؤسسات السجنية، حسب ما نصت عليه المادة 44 من القانون رقم 10/23 الذي يتعلق بتنظيم وتدبير المؤسسات السجنية. |
---|---|
2- الترحيل القضائي | هو نقل المعتقل من مؤسسة سجنية إلى المحاكم أو إلى مؤسسة سجنية أخرى بناء على مقرر قضائي، حسب ما نصت عليه المادة 45 من القانون رقم 10.23. |
3- إخراج المعتقلين من المؤسسة السجنية | حيث يكون بسبب نقلهم للمؤسسات الاستشفائية العمومية وإرجاعهم منها تحت حراسة موظفي السجون. أو بسبب إخراج المعتقلين الذين يعانون من أمراض عقلية. وفقا لما هو منصوص عليه بمقتضى المادة 116 من القانون رقم 10/23. |
4- التتبع الصحي للمعتقلات الحوامل | حيث نصت المادة 118 من القانون رقم 10.23 على أنه يتم اتخاذ الترتيبات اللازمة من أجل تمكين المعتقلات الحوامل من التتبع الصحي المنتظم، ومن الولادة في المؤسسات الصحية، كما أنه كذلك يجوز منح المعتقلات الحوامل رخص استثنائية قصد الولادة وفقا لأحكام كل من المواد (215-214 -216 من هذا القانون. |
5- عمل المعتقلين سواء داخل أو خارج المؤسسات السجنية | بحيث نصت المادة 144 من القانون رقم 10.23 في هذا الشأن على مجموعة من حالات عمل المعتقلين، أهمها ما يمكن أن يكون بخارج أسوار السجن ويمكن أن تحتاج المراقبة بواسطة السوار الالكتروني مثل ما يلي: - العمل لفائدة الخواص في إطار وحدات إنتاجية محدثة من طرف القطاع الخاص بالمؤسسات السجنية أو خارجها، وذلك مع مراعاة النصوص والمقتضيات التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل. - كذلك العمل لفائدة الهيئات العمومية في إطار وحدات خدماتية. |
6- الإذن بخروج المعتقلين | حيث نصت المادة 213 من القانون رقم 10.23 على أنه يجوز للإدارة المكلفة بالسجون، وفق شروط تحدد بنص تنظيمي، أن تمنح رخصة أو إذنا بالخروج لبعض المعتقلين في إطار البرامج المعتمدة لتأهيلهم للإدماج. بالاضافة الى عدد من حالات الأخرى المتعلقة برخص استثنائية لخروج المعتقلين. |
ولعل ما يمكن استفادته من الحالات الواردة في الجدول أعلاه هو أن المشرع المغربي عبر القانون رقم 23-10 قد سمح باستخدام السوار الالكتروني في إطار المراقبة الالكترونية للمعتقلين والسجناء كلما اقتضت الضرورة لذلك.
ففي هذه الحالة لا يمكن اعتبار السوار الالكتروني كعقوبة بمفهوم القانون 43.22، وإنما كتدبير وقائي لمنع السجناء والمعتقلين من الفرار، وتتبعهم في حالة فرارهم دون تكبد عناء البحث الشاق عليهم.
وهذا ما يؤكد طرح ازدواجية الطبيعة القانون للسوار الالكتروني بين اعتباره عقوبة وبين اعتباره تدبير وقائي، حسب الغاية التي استعمل فيها، كما سيتم التطرق له في السطور الآتية من هذا الموضوع.
2- عقوبة السوار الالكتروني في إطار القانون 43.22
إن دراسة شروط عقوبة المراقبة الالكترونية أو السوار الالكتروني ستمكن من وضع تصور على كيفية تنزيل وتطبيق هذه العقوبة، خصوصا مع العلم، أن التضييق من شروط الاستفادة من هذه العقوبة أو التوسع فيها له تأثير مباشر على تنزيلها على أرض الواقع والتكلفة اللازمة لذلك.- شروط متعلقة بالأشخاص.
- وشروط متعلقة بالجريمة.
وسنتناول بالتفصيل لمسألة نطاق تطبيق عقوبة السوار الالكتروني من حيث الأشخاص، بعدها نتطرق لنطاق تطبيقها من حيث الجريمة.
1) نطاق تطبيق عقوبة السوار الالكتروني من حيث الأشخاصتختلف التشريعات التي تبنت نظام المراقبة الالكترونية من حيث نطاق الأشخاص الخاضعين لهذا النظام فبالنسبة للتشريع الفرنسي، فقد نص في المادة 131/36/10 من القانون الجنائي الفرنسي، على الاشخاص الذين يمكن ان يخضعوا لهذا التدبير ويتعلق الأمر ب:
- الاشخاص البالغين الذين تم الحكم عليهم بعقوبة سالبة للحرية مدى تساوي أو تزيد على سبع سنوات.
- من سبق الحكم عليه في جناية أو جنحة وعاد إلى ارتكاب جريمة يعاقب عليها بالحبس مدة تساوي او تزيد على خمس سنوات، اذا انته رأي الخبير الى أنه يتسم بخطورة اجرامية، وقدرت المحكمة أن هذا التدبير من شأنه أن يحول دون العود الى الاجرام من جانبه.
كما يمكن تطبيق عقوبة المراقبة الالكترونية في القانون الفرنسي على الأحداث، حيث نصت على ذلك المادة الثالثة عشرة(13) من قانون رقم 97/ 1159 الذي صدر بتاريخ 19) 25 (ديسمبر 1997 على أن تضاف المادة 8/30 من القانون رقم 45 174 /الصادر في فبراير 1945 بشأن الأطفال الجانحين وتنص هذه المادة على سريان المواد 723 7/ إلى 723/13 من قانون المسطرة الجنائية الفرنسي، والخاص بالخضوع للمراقبة الالكترونية على الاحداث.
وما يمكن قوله بهذا الشأن إن عقوبة المراقية الإلكترونية أو السوار الإلكتروني يمكن تطبيقها على كل من الاشخاص الجانحين، بما في ذلك الأحداث والبالغين، ذكورا كانوا أوإناثا، كما أن العقوبة هذه لا يمكنتطبيقها إلا برضا الشخص المحكوم عليه، كما أنه قد اشترط القانون الفرنسي من أجل تطبيق هذه العقوبة أن يكون ذلك برضا المحكوم عليه وبحضور محاميه.
من حيث رضا المحكوم عليه، فإنه يتطلب "الوضع تحت المراقبة الالكترونية" الحصول على موافقة المعنى بالأمر وبحضور محاميه أحيانا وعند الاقتضاء الادلاء شهادة طبية تؤكد أنه ليس هناك مانع من ارتداء الشخص للسوار الالكتروني (وفقا لنص المادة 131-36-12 من القانون الجنائي الفرنسي)، هذا بالاضافة إلى ضرورة وجود محامي يؤازر المتهم.
وهو نفس الاتجاه الذي يأخذ به القانون الأمريكي في كل ولاياته الخمسين، بالإضافة إلى القانون الجزائري بمقتضى المادة 50 مكرر 82 من القانون 901-18 التي وضعت شرط موافقة المحكوم عليه وعدم المس بصحته وسلامته بالنسبة للبالغين 18 سنة فأكثر، أما بالنسبة للقاصرين فتجب موافقة ممثله القانوني.
غير أن المشرع الجزائري لم يحدد سن أدنى للقِصر للاستفادة من هذه العقوبة، كما لم يشر المشرع الجزائري إلى ضرورة المؤازرة بمحامي.
أما فيما يخص المشرع المغربي فيمكن القول أنه سلك اتجاهات أخرى، حيث نص على أن العقوبات البديلة بمافيها المراقبة الالكترونية حيث يمكن الاستفادة منها إما:
- تلقائيا
- أو بناء على ملتمس النيابة العامة
- أو بطلب المحكوم عليه أو دفاعه
- أو بواسطة النائب الشرعي للحدث أو مدير المؤسسة السجنية أو من يعنيه الأمر.
وانطلاقا من هذه المقارنة، يستنتج أن القانون المغربي وسع من نطاق الاستفادة من عقوبة السوار الالكتروني عكس التشريعات الأخرى، وهو ما سيسبب زيادة في التكاليف والصعوبات المرتبطة بتدبير نظام السوار الالكتروني.
2) نطاق تطبيق عقوبة السوار الالكتروني من حيث الجريمة
حاولت التشريعات المقارنة التضييق من نطاق تطبيق عقوبة السوار الالكتروني، سواء من حيث الجرائم المسموح فيها الحكم بالمراقبة الالكترونية، أو من ناحية العقوبات المسموح استبدالها بالسوار الالكتروني.وبرجوعنا للنظام الأمريكي،" بولاية فلوريدا كمثال"، فإننا نستنتج أن عقوبة السوار الالكتروني باعتبارها كعقوبة أو كتدبير وقائي هي مقررة لجرائم محددة منها ما يلي:
- الجنح البسيطة المعاقب عليها بالوضع في فترة اختبار.
- الجنح البسيطة المتعلقة بالمخدرات.
- الجنح البسيطة المتعلق بالكحول.
- مرتكبي الجرائم الجنسية اليسيطة.
أما في القانون الفرنسي، وكعقوبة تأديبية (correctionnelles peines)، فتنص المادة 131-4-1 من القانون الجنائي الفرنسي على أن عقوبة السوار الالكتروني، يمكن الحكم فيها في الجنح المعاقب عليها بالحبس، وتعويض هذا الأخير بالمراقبة الإلكترونية لمدة تتراوح بين 15 يوم و6 أشهر كحد أقصى؟" من غير إمكانية تجاوز المدة الأصلية للعقوبة التي قضت بها المحكمه.
أما المشرع الجزائري فقد حدد نطاق الاستفادة عقوبة المراقبة الالكترونية على جميع المحكوم عليهم بعقوبة سالبة للحرية لا تتجاوز مدتها 3 سنوات طبقا للمادة 150 مكرر من القانون 01-18 والمادة 150 مكرر مرتين.وإن كانت التشريعات المقارنة قد ضيقت من نطاق تطبيق عقوبة المراقبة الالكترونية(السوار الالكتروني) من حيث الجريمة والعقوبة المحكوم بها، فإن المشرع المغربي في هذا الشأن وبشكل يثير الاستفهام قرر بموجب الفصل 35-1 من القانون 43/22 بأن العقوبات البديلة بما فيها المراقبة الالكترونية يحكم بها في الجنح التي لا تتجاوز العقوبة المحكوم بها من أجلها خمس سنوات حبسا نافذا.
دون تحديد المدة التي سيتم الخضوع لها لعقوبة السوار الالكتروني، هل هي نفس مدة العقوبة السالبة للحرية المنطوق بها في الحكم، أو مدة أخرى يحددها القاضي مثلا، لأن المشرع المغربي لم يحددها على عكس المشرع الفرنسي الذي قام بحصرها في مدة أقصاها 6 أشهر في العقوبات التأديبية.
ويمكن القول إن المشرع المغربي تميز بوضع جرائم مستثناة من العقوبات البديلة بصفة عامة، والتي حددها بموجب 35-3 من القانون43.22 في ما يلي:
- الجرائم المتعلقة بأمن الدولة والإرهاب.
- جرائم الغدر أو الاختلاس أو الرشوة أو استغلال النموذ أو تبديد الأموال العمومية.
- غسل الأموال.
- الجرائم العسكرية.
- الاتجار الدولي في المخدرات.
- الاتجار في المؤثرات العقلية.
- الاتجار في الأعضاء البشرية.
- الاستغلال الجنسي للقاصرين أو الأشخاص في وضعية إعاقة.
وهي استثناءات غير كافية البتة، خصوصا مع إغفال جرائم الإيذاء كاستثناء من تطبيق العقوبات البديلة حصوصا المراقبة الالكترونية، ما من شأنه خلق مشاكل لدى المجتمع في تقبلها.
ومن جهة أخرى، يلاحظ أن المشرع المغربي ضيق من نطاق تطبيق عقوبة المراقبة الالكترونية من ناحية حالة العود، حيث نصت المادة 35-1 من القانون 43-22 أنه لا يحكم بالعقوبات البديلة في حالة العود، عكس التشريعات المقارنة مثل النظام الأمريكي الذي يسمح بعقوبة السوار الالكتروني حتى في حالة العود.
لأن الهدف من هذه العقوبة هو محاربة ظاهرة العود، كذلك بالنسبة للمشرع الفرنسي كما سبق ذكره في هذه الدراسة، ونفس الشيء في القانون 18.01 الجزائري المنظم لعقوبة المراقبة الالكترونية.
الاشكالات القانونية لعقوبة السوار الالكتروني
تعتبر عقوبة السوار الالكتروني عقوبة جديدة في المغرب، غير أنه سبق تطبيقها في العديد من الدول الأجنبية والعربية، حيث يمكن استنتاج عدة إشكالات انطلاق من تجارب هذه الدول، من أهم هذه الإشكالات ما يتعلق با:- الطبيعية القانونية لعقوبة السوار الالكتروني.
- بالإضافة إلى دراسة تأثير السوار الالكتروني على حقوق وحريات الخاضع له.
1- الطبيعة القانونية لعقوبة السوار الالكتروني
لقد احتدم الخلاف على ساحة فقه القانون الجنائي حول تحديد الطبيعة القانونية للمراقبة الجنائية الإلكترونية، حيث ثار التساؤل حول ما إذا كانت تعد عقوب تنزل بالجاني إيلاما يتناسب مع ما اقترفه في الماضي من جرم في حق المجتمع والمجني عليه، أم هي تدبير احترازي، يهدف إلى الوقاية من الخطورة الإجرامية الكامنة في نفس الجاني.
![]() |
السوار الالكتروني |
وذلك سعيا في تأهيله وإصلاحه والحيلولة دون وقوعه في ارتكاب جرائم جديدة، وهذا ما سنتناوله على النحو التالي:
وذلك حتى لا يعود إلى ارتكاب الجريمة مرة أخرى، وقد استند هذا الجانب في ذلك إلى أن المراقبة الالكترونية لم ترد في قائمة العقوبات المحددة من قبل المشرع الجنائي، كما أنها بالنظر إلى الغرض منها تهدف إلى الوقاية من الجريمة وتقويم المحكوم عليه.
وتأييدا لذلك فقد نص المشرع الفرنسي في القانون 2005 المتعلق بمكافحة العودة إلى الجريمة على المراقبة الإلكترونية كأحد وسائل المتابعة القضائية.
وقد أضاف هذا الاتجاه قوله بأن المراقبة الجنائية الإلكترونية يمكن استخدامها في الحيلولة دون ارتكاب الجريمة والعمل على مكافحة الخطورة الإجرامية المحتملة للجاني وعدم عودته مرة أخرى إلى سابق عهده في ارتكاب جريمة جديدة.
الاتجاه الثاني: ينظر إلى المراقبة الإلكترونية على أنها ذات طبيعة عقابية.فإذا كانت من الناحية النظرية تفتقد الإيلام والردع، فإنها من الناحية العملية تحمل عدة التزامات على المحكوم عليه.
ويظهر ذلك جليا فيما ينطوي عليها نظامها القانوني من معنى الإكراه والقسر، وذلك هو أساس العقاب ومثال ذلك الالتزام بضرورة الاستجابة لطلبات الاستدعاء والالتزام بحظر ارتياد غير الأماكن التي حددها قرار المحكمة، فالمراقبة الإلكترونية إذن فهي ليست في جوهرها سوى عقوبة تنفذ من قبل المحكوم عليه بين أقرانه في مجتمع الأحرار.
فهذا الاتجاه وجد قبولا لدى مجلس الشيوخ الفرنسي الذي يرى أن المراقبة الإلكترونية تعد عقوبة نظرا لما تحمله من تقييد لحرية المحكوم عليه في التنقل من المكان المحدد من قبل القاضي، بالإضافة إلى ما قد تسببه من اضطراب في الحياة الأسرية اليومية للمحكوم عليه.
2- تأثير السوار الالكتروني على حياة الخاضع له
نظرا لارتباط السوار الالكتروني بحياة الخاضع له وجسمه، فإنه يشكل انتهاكا للحياة الخاصة للمحكوم عليه، بالإضافة إلى انتهاك لحرمة جسمه وتشكيله خطرا عليه، وهو ما سيتم تناوله بالتفصيل في ما يلي:1) ضمانات احترام نظام الوضع تحت المراقبة الالكترونية لحق الخصوصية
يعد الحق في الخصوصية أو السرية المتمثلة في الحق في احترام الحياة الخاصة، شرطا أساسيا للحفاظ على كرامة الإنسان وحريته الشخصية ، حيث عرف بعض الفقه حق الخصوصية بأنه:
"هو الحق في أن يعيش الإنسان بعيدا عن العلانية، وعدم تعريض شخصيته للجمهور إلا بموافقته ".
ولما لهذا المبدأ من أهمية فإنه حظي بالحماية الدولية، حيث حرص الإعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر بسنة 1948 في مادته 12، والعهد الدولي لحقوق الانسان المدنية والسياسية الصادر لسنة 1966 في مادته 17، وكذا الاتفاقية الاوربية لحقوق الانسان وحريته الأساسية الصادر سنة 1950 في المادة 8 منها، على حماية حق الإنسان في الخصوصية وفي سرية مراسلاته ومحادثاته.
وبالتالي تشكل المراقبة الالكترونية أو السوار الالكتروني انتهاكا للحياة الخاصة للأفراد نظرا لكونه يبقى دائما متصلا بهم لأرسال بيانات حول تموضعه إلى خوادم مراكز المعالجة لتستعمل في تتبع تحركاته ودراستها، إلا أن المحكوم عليه لابد له أن يمارس حياته بشكل عادي حتى في منزله الذي يعتبر جزءا من حرمة حياته.
وبالتالي ستتعرض حياته في منزله وسط عائلته، وحتى حياته بشكل عام للانتهاك من طرف المراقبين، وهو الأمر الذي يمكن أن يسبب ارتباكا في حياة المحكوم عليهم بعقوبة السوار الالكتروني خصوصا بعد معرفتهم بأن كل تحركاتهم تحت المراقبة، وبالتالي فلا يمكن للمرء العيش في راحة وحياته مراقبة خصوصا وسط منزله.
وعلى الرغم من كون بعض التشريعات حاولت مراعات خصوصيات المحكوم عليهم ووضعت شروط لوضع السوار الالكتروني كما سيتم التطرق إليه في الشق الثاني من هذا المحور، إلا أنه غير كافي ولا يشفع أن المستفيد من السوار الالكتروني ستتم مراقبة حياته كلها وفي كل الأوضاع.
لكن على الأقل يلاحظ مراعات من الأنظمة المقارنة لبعض خصوصيات المحكوم عليهم عكس التشريع المغربي الذي لم يضع أي اعتبار للحياة الخاصة للمحكوم عليهم، بل حتى لم ينص على موافقتهم بهذه العقوبة.
ويمكن تعداد الانتهاكات التي تقع في الحياة الخاصة من قبل عقوبة السوار الالكتروني كما يلي:
- التدخل في خصوصية الفرد، بالتجسس عليو أو دخول منزلو أو التصنت عليو، ويستوي أن يكون التدخل ماديا أو غير مادي باستعمال الحواس.
- الإفشاء العلني للوقائع الخاصة للغير بأي طريقة كانت، ويشترط لقيام هذا الإفشاء العام للجمهور عن أمر من الأمور الخاصة والكشف يكون عن أمور حقيقية.
- تشويه سمعة شخص أو الإساءة إلى سمعة الغير أمام الجمهور، ويشترط أن يكون المساس من شأنه أن يؤثر في الشخص العادي المعقول بمعنى ألا يكون تافها.
- الاستعمال غير المشروع للاسم والصورة بقصد تحقيق فائدة مادية، شرط أن لا يكون هذا الاستعمال عرضيا.
- كما أنه كذلك يجب أن تتوافر لدى الطرف المعتدي نية حصوله على ربح.
- التصنت على المكالمات وتسجيلها.
- التدخل في خصوصية الحياة الأسرية، فمن حق أي فرد الانزواء إلى الحياة الأسرية ومن ثمة اتخاد القرارات المتعلقة بحياته الخاصة.
2) علاقة السوار الالكتروني بالحق في حرمة الجسم وسلامة البدن
ما سبق، فإن الأضرار الجسدية والنفسية التي يسببها الحبس سواء حبسا مؤقتا أو تنفيذا للعقوبة، فهو زيادة على أنه سلب للحرية فهو أيضا يحدث تغييرا على المحبوس في عديد من النواحي، كالنظام الغذائي والبيئة الصحية والعلاقات الاجتماعية أي بمعنى أخر في طريقة الحياة بصفة عامة.
هذه المساوئ تعتبر إحدى الأسباب التي ادت الى احداث نظام الوضع تحت المراقبة الالكترونية كبديل للحبس، غير أنه ورغم ذلك لم ينجو من الانتقاد بخصوص هاته النقطة، وذلك بحجة أن وضع السوار الالكتروني ينتج عنه أثار صحية سيئة وأثار نفسية ناتجة عن شعور الخاضع للرقابة بالنظرة غير البريئة من افراد المجتمع.
وعلى حسب الأطباء النفسانيين، فإنه ينتج اضطراب نفسي لأن هذا النظام يعد أشد من السجن ، فالخاضع لهذا النظام يكون دائما تحت المراقبة.
ولعل مما يستنتج معه أن السوار الالكتروني الذي يوضع في معصم يد المحكوم عليه أو رجله، كما قد يشكل اعتداء على سلامة جسده، وإن كانت أغلب التشريعات المقارنة أكدت على موافقة المحكوم عليه بقبول عقوبة السوار الالكتروني وارتداء السوار على جسده.
فالمشرع المغربي لم يقرر هذا القبول إلا بالنسبة للحدث الذي اشترط معه المشرع مجرد حضور وليه أو المقدم عليه أو وصيه أو كافله أو حاضنه أو الشخص المعهود إليه برعايته.