مدونة الأسرة وفق آخر التعديلات

إن الاسرة هي الخلية الأساسية للمجتمع، فمع تطور الإنسان وتنظيم المجتمع جاءت الأسرة لتكون نواة المجتمع، رغم أن أفلاطون نادى بفكرة أن تكون المرأة زوجة مشتركة بين كثير من الرجال، وهذا مفهوم ينكر تماما فكرة الأسرة المعتمد على الزوج وزوجة وأولاد، وتبقى هذه الفكرة من شطحات الفلاسفة وأفكار الشيوعيين الذين قالوا بضرورة بقاء العمال دون حياة زوجية لتحسين الإنتاج، وأن الطفل يجب أن تربيه الدولة، لكن أيضا هذا التوجه لم ينجح، بل يمكن القول أنه الى حدود الاستعمار كانت الأسرة المغربية قوية وهي من أسباب طرد الاستعمار الذي شهد بقوة الأسرة المغربية وتميزها عن الأسرة الأوروبية المفككة.

والزواج ليس مجرد نظام اجتماعي بل هو أيضا نظام قانوني، فالقانون أصبح يضع القواعد التي تحكمه سواء من حيث شروطه أو تنظيمه أو آثاره.

مفهوم الأسرة

تعريف للأسرة

يمكن تعريف الاسرة بأنها "تجمع اجتماعي قانوني لأفراد تربطهم روابط الزواج والقرابة يتشاركون منزلا واحدا".

وهي كذلك: "الوحدة الأساسية للمجتمع والبيئة الطبيعية لنمو ورفاه كل أعضائه".

ومنهم من عرفها بأنها: "جماعة تحددها علاقة جنسية محكمة على درجة من قوة التحمل تمكنها من إنجاب الأطفال وتربيتهم".

التعريف الدولي للأسرة:

عرفت المادة 36 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة 1948 الاسرة بأنها:

"الخلية الطبيعية الأساسية للمجتمع ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة."

تعريف علماء الاجتماع للأسرة:

الأسرة الممتدة: هي الاسرة التي تتكون من الأب والأم والأطفال والأحفاد والأخوال والأعمام الذين يعيشون في وسط واحد الاسرة.

الأسرة الممتدة المحدودة: وهي أقل حجما وتتكون من واحد أو اثنين، تتكون عندما يغادر أحد أفراد الأسرة للعيش في منطقة جغرافية أخرى كالهجرة للعمل على سبيل المثال.

الأسرة الزواجية: وهي التي تتكون من الأب والأم والأطفال تسكن في بيت واحد مستقلة عن الأهل، وقد تكون بين زوج وأكثر من زوجة فيسمى بالزواج التعددي، وهي أقل أنواع التنظيم الأسري شيوعا ويطلق عليه كذلك الزواج الواحدي.

التعريف القانوني للأسرة:

إذا كانت الأسرة من الناحية الاجتماعية عبارة عن مجموعة مكونة من أشخاص تربط بينهم رابطة بيولوجية ، فهي من الناحية القانونية مجموعة أشخاص تربط بينهم رابطة الزواج أو البنوة أو الأبوة أو القرابة الناتجة عن الزواج.

وبهذا يمكن اعتبار الأسرة أهم هيكل أساسي للتنظيم الاجتماعي ينظمها القانون وتقوم على قيم وقواعد قانونية يضعها المشرع وتترتب على مخالفتها عقوبات لأنها تعد من النظام العام ، ثم إن مفهوم الأسرة يختلف من مجتمع لآخر، وفقا لطبيعة الظروف الاجتماعية والاقتصادية والتاريخية والدينية والثقافية، حيث تنعكس هذه الطروف على طبيعة الاسرة خصوصا منها الظروف الدينية.

المميزات والخصائص التي تميز الأسرة كنظام اجتماعي

تتميز الأسرة بعدد من الخصائص أهمها:

أن الأسرة توجد في كل المجتمعات والأزمنة؛
الاسرة كنظام اجتماعي تؤثر في باقي النظم الاجتماعية وتتأثر بها؛
أنها النظام الذي يؤمن وسائل العيش لأفراده؛
الاسرة هي أبسط أشكال المجتمع؛
الاسرة هي أول وسط اجتماعي يحيط بالفرد ويمرنه على الحياة ليكون عنصرا في المجتمع.

تاريخ مدونة الأسرة

لقد شكلت مدونة الأحوال الشخصية أول قانون ينظم العلاقة بين مختلق مكونات الأسرة وقد صدرت بموجب 5 ظهائر أولها في نونبر 1957 وآخرها كان في أبريل 1958.

ومن ثم فإن مدونة الأحوال الشخصية المغربية هي اجتهاد بشري تأسس على النص، واحتاجت بدورها الى تحيين يمكنها من مواكبة المستجدات، لكن وجهت اليها العديد من الانتقادات من التيارات العلمانية والجمعيات النسائية المتأثرين بالغرب، وحزب الاتحاد الاشتراكي وحزب التقدم والاشتراكية، وغيرها من الأحزاب اليسارية والتنظيمات النسائية التابعة لهذه الأحزاب اليسارية.

فقالوا بأن مدونة الأحوال الشخصية غير دستورية وأنها مستمدة من آراء دينية متخلفة بعيدة عن روح العصر وأنها غير مواكبة للاتفاقيات الدولية ومواثيق حقوق الانسان التي وقع المغرب عليها، وأنها عبارة عن أفكار متحجرة قديمة.

فجاء تعديل على المدونة على إثر العريضة التي قدمها اتحاد لعمل النسائي، التي طالب فيها بتغيير نصوص مدونة الأحوال الشخصية، في اتجاه إقرار بعض المفاهيم الجديدة على الأسرة المغربية من بينها: المساواة بين الاب والأم داخل الاسرة.. الحق للفتاة في الزواج دون ولي بحيث تزوج نفسها بنفسها.. منع الزوجة الثانية.. وضع الطلاق بيد القضاء وجعل طلبه بيد المرأة والرجل على حد سواء. المساواة في الإرث، منع الزوجة الثانية.. الخ.

وقد أعقب هذه العريضة التي تعتبر أساس ما سيعرف لاحقا "بمدونة الأسرة " ردود فعل مستنكرة ورافضة، وأول من رفضها آنذاك هو رابطة علماء المغرب، كما رفضها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية آنذاك المرحوم "عبد الكبير العلوي المدغري"، ورفضها جميع خطباء المساجد وخريجو الدار الحسنية للحديث ورفضتها جامعة القرويين ورابطة علماء فاس، بل إن مشروع مدونة الاسرة رفضته حتى نساء جمعية تجديد الوعي النسائي ذات التوجه الإسلامي.

وقد قامت الهيئة الوطنية لحماية الاسرة المغربية بتنسيق مع عديد من الحركات الإسلامية بتنظيم مسيرات احتجاجية على التعديلات المزمعة فكانت أكبرها بمدينة الدار البيضاء التي اعتبرت آنذاك مظاهرةُ مليونية، تقدمتها جل الفعاليات الإسلامية.

بعدها قام الملك محمد السادس بتشكيل لجنة مكونة من مستشارين بالمجلس الأعلى منهم ثلاث نسوة وترأس هذه اللجنة "محمد بوستة" الأمين العام لحزب الاستقلال ، هذه اللجنة دام عملها حوالي سنتين استمعت فيه الى 80 جمعية نسائية ومنظمات حقوقية ومغاربة قاطنين بالخارج وفقهاء.

حاولت هذه اللجنة صياغة قانون الاسرة بشكل يخدم مطالب الجمعيات النسائية بالأساس، وفي يوم 10 أكتوبر 2003 ألقى الملك حطابا أمام البرلمان قدم من خلاله أهم مستجدات المشروع المتعلقة بقانون الأسرة، ثم بعدها صادق عليه البرلمان في 16 يناير 2004 ومجلس المستشارين في 23 يناير 2004، وانتقل المغرب بعد ذلك من "مدونة الأحوال الشخصية" الى "مدونة الاسرة" وهو القانون رقم 70.03.